صُبّي لهُ خَمرةً في الكأسِ
ـ وليد الشواقبه
صُبّي لهُ خَمرةً في الكأسِ أو لَبَنا
ما عـادَ يملِكُ لا عَقلاً ولا بَدَنَا
.
قَد جاءَ من آخِرِ المَعنى
ولا قلمٌ إلّا ولقَّنهُ من وَحيِهِ شجَنَا
.
فَدثِّريهِ بما في القَلبِ من شَغَفٍ
وعَلليهِ بِماءِ الوصلِ ما وهَنَا
.
وعانقِيهِ كما لو كُنتِ طفلَتَهُ
إنّ العِناقَ صدىً يحكي طُفولَتَنا
.
وِلْتَسكُنِيهِ بحُبٍّ واسكُنِيهِ بهِ
لا بارك اللهُ حُبَّاً لم يكُن سَكَنا
.
لا تسألِيهِ سُؤالاً عن هُويَّتِهِ
فقد يذُوبُ بُكاءً لو يقولُ : أنا
.
هُوَ السَّرابُ الَّذي يُخفي حَقيقَتَهُ
فإن دنوت نأى أو إن نأيت دَنا
.
كانَت حَبيبتُهُ الصَحراءُ تمنَحُهُ
ظِلَّاً فيمنحُها من ظِلّهِ وطَنَا
.
في هَدأةِ الرِّيحِ يبني خَيمةً لِحِمَى
مجدٍ عظيمٍ لِذا بالمَكرُماتِ بَنى
.
يقُولُ للغَيم :ِ
ناوِلني يدَيكَ لكي أرقَى
إلى النجمِ كي أصطادَ منهُ سَنا
.
عَمَّاتُهُ النَخلُ كم أهدَتهُ حِكمتَها
إنَّ الصُعودَ جُنونٌ والسُّقوطَ جَنَى
.
لم يَفهَمِ السِرَّ لمَّا أختارَ طِينتَهُ
ومنطِقُ الطَّينِ أن يشقى بِهِ زمَنا
.
يا مَن رأى أُمـَّةً في الجَهلِ غارِقَةً
رَدحاً من الدَّهرِ ما أنصَفتَ أُمَّتَنا
.
هُناكَ آلِهةٌ عَطشَى على فَمِها
لا تشتَهي لثمَنا بل تشتهي دَمَنا
.
لو أنَّ هَذا السُكُوتَ المُشتهَى قَدَرٌ
فليتَ شِعري لِماذا اللهُ أنطَقَنا ؟
.
يا حُزنُ
يا سَيَّدَ الأسماءِ قاطِبةً
هل أخترعتَ الهَوى عمداً لِتجرَحَنا ؟
.
نحنُ العَرايا كَما الأوتارِ مِن دَمِنا
كم شقَّ إيقاعُنا العارِي وكم فتَنا
.
قالَت لنا دَمعةٌ :
كم عُمرَ مِحنَتِكُم ؟
نحنُ الَّذين دُمُوعاً شكَّلوا المِحَنا
.
ونحنُ مَن خَرَّ كالأشجَارِ مُذ وهَبوا
للفأسِ أضلُعَهم واستعذبُوا الثَمَنا
.
فَيا انعِكاسَ مَرايا الغَيبِ مُدَّ مَدىً
ويا أذانَ بُيوتِ اللهِ سِرْ مَعَنا
.
سَندخُلُ المَوتَ من أسوَارِ نقمَتِهِ
ولن نُقرِّبَ لا كبشاً ولا كَفَنا
.
سنَفتَحُ البابَ للمَوتى ونُغلِقُهُ
إنَّ الفناءَ خُلودٌ والخُلودَ فَنا
.
قالَت لنا (أُورشَليمَ) : الحَربُ سُنَّتُكَم
قُلنا : السَّلامُ لِمَن قالَ السَّلامُ لَنا
.
يا (مكَّةَ) اللهِ يا أُمَّ البِلادِ ألَمْ
تُعَاهِدي اللهَ ألَّا تعبُدِي وثَنا ؟
.
يا جَدَّنا (النِيلَ) يا حَامِي البِقَاعِ ويا
رَبَّ الجِيَاعِ .. عَدِمنا الماءَ والمُؤَنا