ـ شعر : محمَّد المهدِّي
مَسَاءَ كَانَتْ تَهُوشُ الرِّيحُ أَوصَالِيْ
وَالنَّارُ تَركُضُ فِيْ مَائيْ وَصَلصَالِيْ
أَلمَانِيَا سَأَلَتْ عَنِّيْ.. تَرَكتُ لَهَا
رَدًّا قَصِيرًا يَهمُّ المَشهَدَ البَالِيْ
وَعَقَّبَتْ مَرَّةً أُخرَى.. وَمُنشَغِلاً
بِالمُنتَهَى كُنتُ، لا بِالجَاهِ وَالمَالِ
كَيفِيَّةُ الحَالِ كَانَتْ لا تُنَاسِبُنِيْ
مَتَى تُنَاسِبُنِيْ كَيفِيَّةُ الحَالِ!!
كُنتُ انشَغَلتُ بِتَشيِيعِ البِلادِ، وَمِنْ
أَقصَى اغتِرَابِيْ أُعَزِّيْ رُبعَهَا الخَالِيْ
أَهلِيْ يَمُوتُونَ يَا أَلمَانِيَا، وَأَنَا
أحصِيْ قُبُورِيْ -لأَضلاعِيْ- وَقُتَّالِيْ
جَاوَزتُ مَوتِيْ مَلايِينَ السِّنِينِ، وَلَمْ
أَزَلْ أُرَقِّعُ أَيَّامِيْ كَأسمَالِيْ
وَأَعبُرُ الوَقتَ أَجسَادًا، فَتَحمِلُنِيْ
رُوحِيْ كَمَا تَحمِلُ الأَروَاحُ أَثقَالِيْ
عَبَرتُ كُلَّ طَرِيقٍ فِيْ الحَيَاةِ، إِلَى
أَنْ مَلَّنِيْ الكَونُ فِيْ حِلِّيْ وَتِرحَالِيْ
لَمْ أَلتَفِتْ لِفَمِ المَاضِيْ يَعُضُّ فَمَ الآتِيْ
وَبَينَ فَمَينِ: الوَيلُ وَالوَالِيْ
وَالعَامِلُونَ عَلَى طَمسِ المدَائنِ، لا
يُبدُونَ غَيرِ جَحِيمٍ غَيرِ أَنكَالِ
عَبَرتُ كُلَّ طَرِيقٍ غَيرَ مُكتَرِثٍ
بِمَا عَلَى ظَهرِهَا مِنْ كُلِّ بَطَّالِ
وَلَمْ أُلَوِّحْ لِسِردَابِ الغِيَابِ، لِكَيْ
أَبتَاعَ تَنهِيدَةَ المَنفَى بِمِثقَالِ
وَلَمْ أَقُلْ: يَا حَنَايَا كُلِّ زَلزَلَةٍ
أَخشَى عَلَى خَافِقِيْ مِنْ هَولِ زِلزَالِ
أَغمَضتُ عَينَيَّ، كَيْ أَصحُوْ عَلَى أُمَمٍ
لا تَستَقِيمُ لأَوغَادٍ وَأَنذَالِ
فَتَحتُ عَينَيَّ، وَالدُّنيَا بِرمَّتِهَا
رُكَامُ فَوضَى مَخَافَاتٍ وَأَهوَالِ
وَحَارِسُ الإِفكِ يَحشُوْ بُندُقِيَّتَهُ
جَمَاجِمًا، وَالشَّظَايَا ذَات أَغلالِ
وَالهَارِبُونَ إِلَى الدِّينِ الحَنِيفِ.. عَلَى
أَعنَاقِهِمْ لَمْ تَزَلْ أَصفَادُ إِضلالِ
فِيْ الدَّربِ مُضحِكَةٌ، فِيْ الدَّربِ مُبكِيَةٌ
مُعَادَلاتُ الرَّدَى مشوَارُ إِذلالِ
وَمَعمَلُ العَبَثِ الإِنسَانِ أَبشَعُ مِنْ
نَجوَى الشَّيَاطِين فِيْ أَعمَاقِ دَجَّالِ
صَفِّقْ لِنَجوَاكَ يَا سَقفَ النُّشَادِرِ، لا
تَضحَكْ عَلَى غَيرِ أَشبَاحِيْ وَآمَالِيْ
لَمْ أَعتَقِدْ أَنَّ مِحرَابًا وَمِئذَنَةً
وَمِنبَرًا، إِرثُ زَمَّار وَطَبَّالِ
لَمْ أَعتَقِدْ أَنَّ شَمعُونَ الكَبِيرَ هُنَا
قَدِ اشتَرَى نِصفَ أَحرَارٍ وَأَبطَالِ
مَعَ السَّلامَةِ يَا قَلبِيْ وَمُعتَقَدِيْ
وَيَا صَلاةَ صَبَاحَاتِيْ وَمَوَّالِيْ
لا الوَاقِعِيُّ نَجَا مِنْ ضِيقِ وَاقِعِهِ
وَلا تَجَلَّى بِهَجسِ الأُفْقِ سريَالِيْ
لا شَيءَ يُثلِجُ صَدرِيْ فِيْ البَسِيطَةِ!! يَا
أُمَّ العَشَايَا: عَلَى أَنفَاسِيَ احتَالِيْ
خَدَعتُ نَفسِيْ كَثِيرًا حِينَ قُلتُ لَهَا:
قَرِيبًا المَوعِدُ الوَهَّاجُ، يَبقَى لِيْ
قَرِيبًا الحُلُمُ العَالِيْ يُرَافِقُنِيْ
إِلَى النَّهَارِ؛ لأَنسَى لَيلِيَ العَالِيْ
خَدَعتُ نَفسِيَ فِعلاً.. لَيسَ أصدَقُ مِنْ:
خَدَعتُ نَفسِيْ بِفِعلٍ غَيرِ فَعَّالِ
لا أَشتَهِيْ خِدعَةَ النَّفسِ.. اختَنَقتُ بِمَا
فِيهَا مِنَ المُشتَهَى المَجَّانِ وَالغَالِيْ
وَهمٌ كَبِيرٌ يُسَمَّى: العَيش، فِيْ بَلَدٍ
جَنَّاتُ جَنَّاتِهِ، أَطلالُ أَطلالِ
___________ـ