ـ شعر : وليد شواقبه
حنينُك مفضُوحٌ وجُرحُك واضحُ
وصوتك مجروحٌ وصمتك جارِحُ
.
تُشتِّتُكَ الدُنيا بألفِ متاهةٍ
كأنك فيها يا أخا الحُزنِ سائِحُ
.
كأنَّك يا بن الحُزنِ ساقٍ بحانةٍ
يُساقِيك كأس الهمِّ غادٍ ورائِحُ
.
كأنَّك يا حُزنَ الكمَاناتِ
لم تنَم قريراً
فهذا لونُ دمعِك كالِحُ
.
نهاراً تُصلِّيك الجراحُ جنازةً
وتسهرُ طولَ الليلِ فيك نوائِحُ
.
لقد مِتَّ قبلَ اليومِ تسعين مرَّةً
وها أنت في بحرٍ من الموتِ سابِحُ
.
تُسائلُ : أين الصَّالحون ألم يعُد
على هذهِ الأرضُ البغِيَّةِ صالِحُ ؟
.
ويمتصُّك الأصحابُ والأهلُ سُكَّراً
وإن صِحتَ قالوا : إنَّ طعمَك مالِحُ
.
وإن غِبتَ لا شوقٌ إليك
ولا جوىً عليك
وحيداً في الغِيابِ تُكافِحُ
.
تصيحُ بمن مرَّوا أمامَك : حاذِرُوا
فليس لحُزني يا رفاقُ مكابِحُ
.
وإن عُدتَ تهجُوك الطَّريقُ كأنَّما
تعودُ بوجهٍ لم تخنهُ ملامِحُ
.
تقُولُ : إيابي يا طريقُ غنيمةٌ
فتهمِسَ في أذنيك ” فُقدُك فادِحُ ”
.
فتركُضُ نحوَ البَيتِ
بابُك مغلقٌ
كدفترِ شِعرٍ لم يلامِسهُ فاتِحُ
.
وتنهَرُك الجُدرانُ
” قد عُدتَ خاسِراً ”
وتسألُها : هل عاد قبلي رابِحُ ؟
.
وأين الَّتي قد أقسَمت لي بِنبضِها
ستبقى على عهدِ الهَوى لا تُبارِحُ ؟
.
لها الحقُّ أن تنأى ، هَواها مُذلَّلٌ
ولكنني صعبٌ هوايَ وجامِحُ
.
وأين قَميصي يا جِدارُ وصُورتي
وصوتي وأحلامي الصِّغارُ الصَّوادِحُ ؟
.
لقد كَبروا
صارُوا نُصوصاً عصيَّةً على الشَّرحِ
مهما خِلتَ أنَّك شارِحُ
.
أنا لعنَةُ المعنَى بجَنبَيَّ شاعرٌ
خليعٌ وعُذرِيٌّ وهاجٍ ومادِحُ
.
تُمازِحُني الأقدارُ
هل تدري ما الَّذي
يُكابِدهُ الإنسانُ حين تُمازِحُ ؟!
.
أُصافحُ حظِّي كُلَّ يومٍ وإنَّني
لأعرفهُ مُستكبِراً لا يُصافِحُ
.
لكَ اللهُ يا بن الإنكساراتِ لم تزَل
على رغمِ هَذا الإنكِسارِ تُسامِحُ
.
لكَ اللهُ يا منفىً يُذبِّحُ رُعبَهُ
ويا وطناً كم أرعَبتهُ مذابِحُ
.
ويا مسرَحاً لا يُتقِنُ الزَّيفَ
هاجرت جماهيرُهُ
فاستقطبتها مسارِحُ
.
ويا قمَراً .. لا غيمةٌ يمَّحي بها
ولا نجمةٌ يحكي لها ويُصارِحُ
.
ويا نَهَراً لم يفشِ سرَّ عُبُورِهِ
لِيعبُرَ صيَّادون جوعى نوابِحُ
.
حَنانَيك لا تلعَن جراحَك إنَّها
أفادتك لمَّا لم تفِدك النصائِحُ
.
يقُولُ لكَ العرَّافُ قلبُكَ
كلما ارتديتَ غُموضاً
” إنَّ صِدقَك فاضِحُ ”
.
فيا مَن نأى عنَّا ستجمعُنا غداً
كما فرقتنا قبلَ أمسِ المصالِحُ