ـ يحيى العمري .
احترت يوما من الأيام بين المستقبل وبين الماضي ، اعتلاني الصمت والهدوء والكثير من التفكير ، لقرار ربما يراه الأغلب قرارا بسيطا اتخاذه ، ولكنني لم أستطيع اتخاذه بهذه البساطة التي يتصورها البعض، جلست أقلب في الماضي وما به من محطات جميلة يصعب نسيانها أو تجاوزها ، فوجدت من الأفضل العودة إليه.
عدت إلى المستقبل فوجدته مليئا بأشياء غير واضحة وغير مفهومة ، قارنت بين هذا وذاك فلم يقنعني أي واحدٍ منهما ، شدني الماضي إلى سنين الطفولة إلى الأصدقاء الصغار الذين لا يزالون على البال ، أعادني المستقبل إلى دائرته ، فهُيئ لي أن المستقبل سيكون ناصعا ، وأن السنوات المقبلة ستكون من أجمل أيام الحياة.
لكنني لم أقتنع بذلك ، فلي تجارب سابقة ، ولم أعد أصدق مثل هكذا أشياء ،لم أقتنع لا بهذا ولا بذاك ، أعادني الماضي إلى دائرته ، وقدم لي عرضا يصعب على أي شخص رفضه، العودة إليه ، مع نسيان المحطات السيئة التي مرت عليَّ ، فكرت فيه فهذا عرض لا يتكرر عرض مقبول ، ومع ذلك لقي الرفض.
المستقبل يشدني نحوه وبقوة ، وقدم عرضا بدوره كان مضمونه أن المستقبل مليء بالمغامرات ، والأشياء الجديدة التي تنتظر الوصول ، فكرت فيه كثيرا قبل إصدار قراري النهائي ، ومع ذلك لم أقتنع.
مع منافستهم القوية (الماضي ، المستقبل) قررت عدم تصديق أي منهما ، والمضي قدما فيما أنا عليه، وأعيش الواقع الذي أنا فيه راضيا به ، وعدم التفكير بالماضي وعدم القلق من المستقبل ، فإن كان جميلا فسألاقيه.
فالحياة محطات إحداها جميلة والأخرى أجمل ، وإحداها ليست سيئة ، فنعيش الواقع بحلوه ومره وإن كان مرا كثيرا ، نستطيع أن نحليه ولو قليلا ، بوجود أشياء جميلة في الحياة تسعدنا.